جدة التاريخية .. بين الحضارة والعمران

وأنت في طريقك إلى وسط البلد ، داخل مدينة جدة فأنت حتمًا ستعبر بالمنطقة التاريخية لترى بيوت حجازية قديمة متراصة بجوار بعضها البعض يصل عددها إلى 500 منزل على حد قول مدير المنطقة التاريخية المهندس سامي نوار وقليل من هذه المنازل في الوقت الحالي ، لا تزال تحتفظ بملامحها في الرواشين الخشبية المزخرفة كنوافذ لهذه البيوت العتيقة وبجوار النقوش على جبينها المتمثلة في جدرانها وألوانها الزاهية وإن شاخت لمرور الزمن عليها ، و لذلك تعتبر الرواشين هي السمة الابرز في الطراز العمراني في حضارة الحجاز قديمًا وهي ممتدة من المدينة المنورة شمالًا حتى الطائف جنوبًا ، و تقع هذه المدينة الحارة في الجهة اليمنى لكبري الميناء الذي يصل بين بحر جدة والطريق السريع المؤدي لمكة المكرمة وتحديدا في رحم حي السبيل الشعبي، سيد الاحياء العشوائية في مدينة جدة بالمشاركة مع غليل والهنداوية.



جدة هي المدينة التي لازالت تحافظ على ارثها التاريخي ، و لطالما تميزت بتراثها الحجازي الراسخ عند الأجيال كما تحدث عنها المؤرخون والمهتمين بالتاريخ كثيراً فقد حازت على اهتمام كبير من السياح والزائرين، وفي حين تميُّز جدة "الجديدة" ، لا زال جانب جدة التاريخية قائماً حيث تعرف محلياً بإسم جدة البلد، تقع في وسط مدينة جدة، ويعود تاريخها -حسب بعض المصادر- إلى عصور ماقبل الإسلام، وأن نقطة التحول في تاريخها كانت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما اتخذها ميناءً لمكة المكرمة في عام 26 هـ الموافق 647.

قام ببناء سور جدة حسين الكردي أحد أمراء المماليك في حملته عندما اتجه ليحصن البحر الأحمر من هجمات البرتغاليين فشرع بتحصينه وتزويده بالقلاع والأبراج والمدافع لصد السفن الحربية التي تغير على المدينة وقد شرع حسين كردي في بناء السور وإحاطته من الخارج بخندق زيادة في تحصين المدينة من هجمات الأعداء وبمساعدة أهالي جدة تم بناء السور وكان له بابان واحد من جهة مكة المكرمة والآخر من جهة البحر ويذكر أن السور كان يشتمل على ستة أبراج كل برج منها محيطة بـ 16 ذراعاً ثم فتحت له ستة أبواب هي: باب بمكة، وباب المدينة، وباب شريف وباب جديد وباب البنط وباب المغاربة أضيف إليها في بداية القرن الحالي باب جديد وهو باب الصبة ، و تم إزالة السور لدخوله في منطقة العمران عام 1947 م.

ومن ابرز حارات البلد هي حارة المليون طفل وهي من أقدم أحياء جدة، مدينة في داخل الحي، منذ تطأ قدماك اول زقاق فيها ستصاب بالدهشة وانت تشاهد اعداد الاطفال المهولة التي تنتشر في تلك الازقة والشوارع وامام ابواب المنازل، وهو ما دفع بسكان جدة منذ اكثر من 50 عاما على حد قول السكان ان يطلقوا عليها اسم ( حارة المليون طفل ) .

يقول ياسر الصبياني احد اقدم سكان الحي ، ان الحي سمي بهذا الاسم لكثرة الأطفال به، حيث لا تدخل أي شارع من شوارعه الصغيرة والمتداخلة إلا وتجد عددا كبيرا من الأطفال يلهون ويلعبون في كل الاتجاهات .

و من أبرز معالمها التي لازالت قائمة في قلب جدة القديمة منزل الشيخ نصيف وحاليا هو أحد أهم المتاحف المفتوحة للزوار، ويعد سوق الجمعة الواقع حاليا في منطقة البلد هو أحد اقدم الاسواق التاريخية في جدة ، إضافة الى عدد من المساجد التاريخية التي لاتزال قائمة ويؤمها المصلون ، مثل مسجد المعمار ومسجد عكاش ومسجد ابراهيم الجفالي و مسجد الشافعي .

فأينما انطلقت بين تلك الازقة ترى جمال الفن القديم وتشاهد براعة الفنان الحجازي في تلك المباني ، جدة عروس البحر الاحمر وملتقى الفن والعاشقين وبوابة لضيوف الرحمن "جدة أم الرخاء والشدة".


انظر هنا .

تم عمل هذا الموقع بواسطة